معيّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم ومرافقته
أحبتي في الله ..
أبشروا ..واستبشروا.. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
فأنتم مع من أحببتم .
أحبتي في الله ..
إن من أشرف المقامات في الجنة ..
معيّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم و مرافقته .
وقد جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ،
إنك لأحب إليّ من أهلي .. و من نفسي .. و من ولدي ..
و إني لأكون في البيت فأذكرك .. وما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك .. فإذا ذكرت موتي وموتك .. عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفعتَ مع النبيين ، و إني إذا دخلتُ الجنة خشيتُ أن لا أراك !!!
فلم يرد عليه شيئاً حتى نزل جبريل بهذه الآية :
(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصدّيقين و الشهداء والصّالحين و حسن أولئك رفيقاً).
فهذا الحديث يتضمن البشارة العظيمة .. بالمثوبة الجسيمة..
لمن كملت محبته للنبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك .. من أحب غيره من سائر النبيين والصالحين ، لأن ذلك دليل على محبة الله عز وجل .
فمتى قويت محبة العبد لله تعالى .. قويت محبته لأوليائه والصالحين من عباده.
وقد سأل رجل النبي صلى الله علي وسلم فقال له :
كيف ترى في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم ؟؟؟
قال : (( المرء مع من أحب )) .
وسأله آخر عن الساعة ..
قال : ( وما أعددت لها ) ؟
قال : ( لا شئ ..غير أني أحب الله ورسوله )
قال : ( أنت مع من أحببت ).
قال أنس رضي الله عنه : ( فما فرحنا بشئ فرحنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت مع من أحببت ) .
قال أنس رضي الله عنه : ( فأنا أحب النبي صلى الله عليه و سلم ، وأبا بكر ، وعمر ، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم ) .
وقد بلغ الصحابة رضوان الله عليهم في محبته صلى الله عليه وسلم منتهى الغاية ، وأقصى النهاية . ويشهد ذلك .. ما روي أن امرأةً من الأنصار قُتل أخوها وزوجها يوم أُحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيراً ، هو كما تحبين .
فقالت : أرونيه حتى أنظر إليه .
فلما رأته قالت : ( كل مصيبة بعدك جلل ) يعني : صغيرة .
و قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : ما كان أحد أحب إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال عليّ رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أموالنا ، وأولادنا ، وأمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ .
ولا بد من معرفة علامات هذه المحبة .. ليسعى الإنسان في تحقيقها و تطبيعها .
فمنها :
* أن يعرض الإنسان على نفسه.. أنه لو خُيّر بين فقد غرض من أغراضه ، وبين فقد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم - أن لو كانت ممكنة - .. فإن كان فقدها - أن لو كانت ممكنة - أشد عليه من فقد شئ من أغراضه فقد اتصف بالأحبية المذكورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن لا ، فلا .
* ومن أعظم العلامات لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الاقتداء به ، واستعمال سنته ، وسلوك طريقته ، والاهتداء بهديه وسيرته ، والوقوف مع ما حدّ لنا من شريعته .
ويدل لذلك ما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه مرفوعاّ : من أحيا سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني .. كان معي في الجنة .
* ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم :
أن يرضى مدعيها بما شرعه حتى لا يجد في نفسه حرَجاً مما قضى ، ونصر دينه بالقول والفعل ، والذب عن شريعته ، والتخلق بأخلاقه في الجود .. والإيثار.. والحلم .. والصبر.. والتواضع.. وغيرها من أخلاقه العظيمة .
* ومنها .. كثرة ذكره صلى الله عليه وسلم ، ومحبة سنته ، وقراءة حديثه ، وأن يلتذ بذكره الشريف ، ويطرب عند سماع اسمه المنيف صلى الله عليه وسلم .
* ومنها : تعظيمه صلى الله عليه وسلم عند ذكره ، وإظهار الخضوع.. والانكسار.. والخشوع.. مع سماع اسمه .
فكل من أحب شيئاً .. خضع له .
كما كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم إذا ذكروه خضعوا ، واقشعرت جلودهم ، وبكوا . وكذلك كان كثير من التابعين .. فمن بعدهم .
فكان أيوب السختياني إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى يرحمه جلساؤه.
وكان جعفر بن محمد كثير الدعابة و التبسم فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اصفرّ لونه .
وكان عبد الرحمن القاسم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمامه، يُنظر إلى لونه كأنه قد نزف منه الدم ، وقد جف لسانه في فمه هيبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان قتادة إذا سمع الحديث أخذه العويل والزويل .
* ومنها : حب القرآن الذي أتى به ، وهدى به ، واهتدى به ، وتخلق به .
وإذا أردت أن تعرف ما عندك وعند غيرك من محبة الله ورسولة فانظر محبة القرآن من قلبك ، والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعه .
فإنه من المعلوم .. أن من أحب محبوباً كان كلامه وحديثه أحب شئ إليه .
ويروى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : لو طهرت قلوبنا ..ما شبعنا من كلام الله . وكيف يشبع المحب من كلام محبوبه ، وهو غاية مطلوبه ؟!!
وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى يقولون : يا أبا موسى ، ذكّرنا ربّنا .. فيقرأ وهم يسمعون .
* ومنها.. كثرة الشوق إلى لقائه صلى الله عليه وسلم . إذ كل حبيب يحبّ لقاء حبيبه .
قال بعضهم : المحبة.. الشوق إلى المحبوب .
ولهذا.. كان الصحابة رضي الله عنهم إذا اشتدّ بهم الشوق قصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستشفوا بمشاهدته ، وتلذذوا بالجلوس والنظر إليه ، والتبرك به صلى الله عليه وسلم .
وعن عبدة بنت خالد بن معدان قالت : ماكان خالد يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إلى أصحابه من المهاجرين والأنصار يسميهم ، ويقول :
بهم أصلي وفصلي ..
وإليهم يحنّ قلبي ،
طال شوقي إليهم ..
فعجل - ربّ - قبضي إليك ،
حتى يغلبه النوم .
ولما احتضر بلال نادت امرأته .. وا حرباه !!
فقال : وا طرباه ، ، غداً ألقى الأحبة محمداً و حزبه .
********************************************
اللهم يا ذا المن والعطاء ..
نسألك مرافقة خاتم الأنبياء ..
في جنةٍ .. عرضها الأرض والسماء .
**** *************************** ****
اللهم وفقنا توفيقاً يوقفنا عن معاصيك ..
و يحثنا للإقبال لما يرضيك ..
وارزقنا الاستعداد لما وعدتنا ..
وأدم لنا إحسانك كما عودتنا ..
وأتمم علينا مابه أكرمتنا ..
واغفر لنا ولوالدينا.. ولجميع المسلمين ..
برحمتك ياأرحم الراحمين .
*****************************************